يمكن مناقشة ما تقدّم من حلقات والتي تخص الصورة الشعرية على عدة مستويات:
المستوى الاول:
هناك اربعة عوالم ينقسم اليها الانسان وهي (( عالم النفس، عالم العقل، عالم الروح، عالم الجسد)) هذه الصيغة الرباعية وهي واحدة من اعظم مفاتيح الانسان لكينونته وبالتالي يمكن اسقاطها على مفهوم الصورة الشعرية وفق مخطط وكل هذا ما لا نستطيع فعله لضيق المساحة وقلة الامكانية.. إذن لكل عالم لغة /إمكانية/ آلية تصويره / إدارته / علما ان ثىثة من هذه العوالم غير مرئية سوى العالم الرابع الذي هو (الدنيا) والذي يقابل (الجسد) ..
(( ولما كانت اللغة ضيقة في ذاتها وناشئة في دائرة الحس والمادة فانها تكون عاجزة عن تصوير الحقائق الواقعية في هذه العوالم الاربعة وغيرها)) .
المستوى الثاني:
جاء في نهج البلاغة من خطبة الامام علي بن ابي طالب(ع) في معرض جوابه عن (ذِعلب اليماني) وقد ساله . هل رأيتَ ربك؟؟
فقال: لاتراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان.
نستدل من هذا النص ان الحقائق عوالم معاشه وهي بدورها وسائل ادراك . اذن الصورة الشعرية هنا و المنقولة عن هذا العالم هي ليست منتجة عقليا وليست مما جاء به الفهم الحديث من كونها ( شمية ، او حسية .... الخ..)
المستوى الثالث:
يمكن ان نضع ماتقدم مفهوما عن الصورة الشعرية فنقول: بأنها تشكيل لغوي بكل امكاناته الخاصة للفعل الشعري ، المصاغ من دوال هي / الموقف/ الحالة/ الرؤيا.
بقيم تلك العوالم الاربعة والتي تظهر كينونة الانسان ومدى بسط جغرافية الفهم لهذه العوالم.
اما وضيفة الصورة الشعرية ، فهي تعمل على:
1-تمكين المعنى في النفس.
2-تركيز طاقتها على الطاقة الايحائية لها ، لذا مما تقدم بأن الصورة تصف وتوحي وهي في مقام الوصف تبتكر تاريخا للموصوف وحين توحي فانها تبتكر فعلا شعريا .
3-تعمل على رُقي وخلود النص في أي زمان ومكان.
تلك باقه مقتطفة من وظائف الصورة اما علاقتها باللغة ، فان الصورة واللغة متماسكان لا ينفصل احدهما عن الاخر في نظر المبدعين . فلو تناولنا اللغة بشكل مبسط في القران الكريم والدعاء والجانب الاخر والذي يخص الادب، نجد انه في كتاب الله (عزّ وجل) الحقائق هي التي تصوغ اللغة وكذلك الدعاء ايضا الحقائق هي التي تصوغ اللغة ، اما الشعر والرواية وبقية فنون الادب اللغة تمارس كشف الحقائق .
اذن اللغة في القران / الدعاء / نهج البلاغة. عاجزة عن ايراد الحقائق ، لذلك كلفت الحقائق لصياغتها ، اما في الادب ، فاللغة قادرة على استيعاب الحالات الانسانية والية الانزياح بكل اصنافه هي المعمول بها في الادب وفنونه. اذن لطالما ان اللغة الادبية مرتبطة بالانزياح فلابد ان يكون هناك رمز وصورة ومجاز وغيرها ... وللحديث صلة .